سلامة الحواس:



      سلامة الحواس:
كما قال الرائع رحمه الله فؤاد المهندس (كلمتين وبس) هذا العنوان مجرد كلمتين فقط ولكن ما هي حكاية هاتين الكلمتين.
هاتين الكلمتين إحدى بنود الجامعات المصرية والتي وضعت في لوائح المجلس الأعلى للجامعات وهي ببساطة تعني أنه كل من يتقدم في الكليات أو للدراسات العليا يجب أن يطبق عليه هذا البند وهذا البند يمنع ذوي الإعاقة بمقتضاه من إستكمال تعليمهم لأنهم بالطبع لديهم حواس ليست بالسليمة وأعتذر عن الجملة السابقة لكنها هي التفسير الواضح لهذا البند الذي أراه بندا مجحفا لحقوق أعداد وفئة ليست بالقليلة في مجتمعنا المصري هي فئة ذوي الإعاقة ولكن ما هو هذا البند؟
تنص لوائح المجلس الأعلى للجامعات على أن الكليات التي بها أية نشاطات متعلقة بالجانب العملي أو ما يندرج تحت هذا في الكليات النظرية من شروط إلتحاق الطالب أنه يكون سليم الحواس والسبب هنا كما يقال إما أن يكون قادرا على أن يؤدي المطلوب منه عملي أو أنه حتى لا يكون بعد تخرجه منها لا يصلح إجتماعيا لممارسة هذه المهنة فعلى سبيل المثال في كليات التربية مثلا يمنع دخول ذوي الإعاقة كلية التربية بحجة هذا البند لأنهم كما يشاع خطأ أنهم لا يستطيعون أن يقوموا بعملية التدريس بعد تخرجهم نظرا للإعاقة وأنهم سيكونون مسارا للسخرية أو الإستهزاء من قبل التلاميذ بالمدارس أو أنهم لا يقدرون على السيطرة على فصول ذات كثافات طلابية كبيرة وأن مخارج الحروف لديهم غير سليمة فتجعل التلاميذ لا ينطقون بشكل صحيح كلها مجرد مبررات واهية ليس إلا ولكن هنالك فقط بعض الإعاقات البسيطة شبه مستثناة من هذا البند في بعض الكليات العملية وهذه الإستثنائات للأسف الشديد حالات فردية فقط بمعنى أنه يتم تطبيق هذا البند أو عدمه حسب الرغبة أو حسب فئة الإعاقة التي ينتمي لها الطالب ولكن لهذا البند الكثير والكثير من السلبيات التي تحدث بناء عليه فيحرم هذا البند الكثيرين من دخول الكليات التي يرغبون في دخولها مثل أقرانهم من غير فئة ذوي الإعاقة لمجرد وجود هذا البند وتعتمد عليه كثيرا من الكليات النظرية أيضا في قبولها لمن هم من ذوي الإعاقة فيتخذون هذا البند حجة قاطعة على عدم قبول فئة ذوي الإعاقة بها وإن قبلت بعض الكليات النظرية دخول ذوي الإعاقة بها فيتم إتاحة بعض الأقسام فقط التي يلتحق بها ذوي الإعاقة وليست كل الأقسام بداخل هذه الكلية على الرغم من أنها كليات نظرية بالكامل ويظهر هذا البند أيضا في إلتحاق ذوي الإعاقة بالدراسات العليا ومن المؤسف أن يكون في الكليات النظرية فكيف يكون الحصول على درجات علمية مثل الماجستير والدكتوراه مقترنا بسلامة حواس من يريد الحصول عليهما.
كم يحتوي هذا البند الظالم والجائر على تمييز وتهميش لأناس يرغبون في إستكمال حياتهم العلمية أسوة بالآخرين ويعمل هذا البند على حرمان وعدم تقدير لإمكانات ذوي الإعاقة وحصرهم في مجالات محددة لا يرغب الكثيرين في الإلتحاق بها وكم يعمل على قتل طموحات وأحلام الكثيرين أن يلحقوا بما أرادوه لأنفسهم بمجهودهم والسبب ببساطة ما يسمى ببند سلامة الحواس.
ألم يسمع القائمين على التعليم الجامعي عن التقنية والتكنولوجيا التي سهلت ما كان يعتقدونه صعب ألا يعرف هؤولاء أن جامعات العالم كله لا تعترف بهذا البند؟
إلى متى تظل تلك النظرة السلبية المليئة بالعنصرية والجائرة سائدة وتقوم بحرمان فئتي من التعليم أليس التعليم حق للجميع بدون تمييز تحت أي مسميات إلى متى ينظر لفئة ذوي الإعاقة على أننا فئة ليس لها أية إعتبارات أو حقوق وأبسطها الحق في التعليم.
لسنا فئة غير قادرة على التعليم والتحصيل نحن فئة تستطيع أن تفعل كل شيء وبشكل لا يمكن أن يتخيله من هم مسؤولي عن العملية التعليمية لسنا فئة عالة على المجتمع نحن فئة قادرة على العمل والإنتاج على وبشكل رائع ولكن لو أتيحت الفرصة لنا ووجد ما ييسر قيامنا بأعمالنا على أكمل وجه.
أطمح في أن يلغى بند سلامة الحواس تماما ونهائيا من لوائح المجلس الأعلى للجامعات ومن لوائح الكليات المصرية كفانا تمييز وتصنيف وعنصرية وحرمان ذوي الإعاقة من أهم حقوق الإنسان وهو الحق في التعليم.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عامان على وفاة ست الحبايب:

تحية لمن تكافحن في صمت:

معلومات خاطئة عن طريقة برايل: