كفيف وأفتخر:



          كفيف وأفتخر::
على الرغم من أني كفيف وأفتخر بهذا كثيرا ولكن يوجد الكثير مما يصيبني بالإزعاج من إستخدام مسيئ لي وليس بشكل شخصي بالإستهزاء بكف البصر عموما رحلتنا هذه المرة عزيزي القارئ  في صورة كنت لا أود الكتابة عنها في الوقت الحالي ولكنها صورة إستفزازية  لي ولأمثالي من المكفوفين ولكن قبل شرح هذه الصورة أحب أن أشير لنقطة صغيرة وهي أنه يبلغ عدد المكفوفين في مصر حسب إحصائية منظمة الصحة العالمية في عام 2011 حوالي 3 مليون كفيف.
ننتقل سويا للصورة كركاتير متداولة كثيرا على موقع التواصل الإجتماعي facebook. وهي بخصوص الإستفتاء على الدستور يظهر بالصورة شخص كفيف مرتديا نظارته السوداء وبيده عصاه البيضاء ومكتوب أسفل الصورة (يلا نقول نعم للإستقرار) وخلف هذا الشخص الكفيف أشخاص كثر معصوبي العينين بما يوحي أنهم يطيعون هذا الشخص.
هذا الوصف هو وصف إحدى صديقاتي عليه لمحتوى الصورة تخيلها معي لدقيقة فقط.
بالطبع لا أحجر نهائيا على حرية الإبداع ولكن أن تصل حرية الإبداع لحد الإساءة والتشهير والسخرية بفئة وطائفة ليست بالقليلة من المجتمع المصري فهذا ليس إبداع بل هو تجريح وتقليل من شأن أشخاص لا يعلم الكثيرين عنهم شيء وكل ما يعرفوه عنهم هو فقط شخصية الشيخ حسني الشهيرة في فلم الكتكات فقط ومع إحترامي أيضا لهذا العمل الفني ولكنه أيضا ساهم وبشكل كبير في تشويه الكفيف في مصر وعرضه بغير الصورة التي تليق به.
عودة لمشهد هذه الصورة يا من قمت برسم هذا الكركاتير الساخر والهزلي عن قناعات الناس وتمثيلك لمن يقودهم بأنه شخص لا يرى ويقود باقي من معه إلى المجهول ماذا تعرف أنت عن الكفيف؟
العصى البيضاء التي يتحسس بها هذا الكفيف طريقه قبل أن يخطو خطوته هي بوصلته التي تعرفه هل هذا الطريق ممهد له وهل يستطيع أن يمشي بدون خوف من حجر أو حفرة أو عثرة قد تواجهه وتجعله يشعر بأمان على هذا الطريق قبيل أن يخطو خطوته الأولى عليه عصاه البيضاء وكف بصره الذين تسخر بهما عليه تعلم أن تلك العصى تجنبه أن يعتمد على من هم أمثالك الذين يرون رؤية كاملة وقد تكن أنت غير مؤهل من الأساس لقيادته نحو ما يريد عصاه البيضاء التي قمت بعمل إسقاط سلبي بها عليه هل تعلم أنها تكفيه شر حفرة أو حجر أو عثرة في طريقه الذي ترافقه أنت فيه وقد تغفل عن رؤيتها فيحدث له مكروها بسبب مرافقتك له يا من تدعي أنك ترى.
كف بصره هل تعلم أنه يجعل حاسة السمع عنده أقوى منك أنت نعم منك أنت ويستطيع أن يميز كل شخص من خلال نبرة صوته حتى لو سمعها مرة واحدة نعم لا تستعجب لأنه لو عرف السبب بطل العجب هنالك دراسات أثبتت أن إعتماد الشخص الكفيف على حاسة سمعه أعلى بكثير % من إعتماد الشخص المبصر على بصره هل تعلم أيضا أن الكفيف قادر على تحديد إتجاهاته وكيف يتجاوز لحواجز أمامه وتكوين صورة تخيلية للمكان الذي فيه عن طريق صوت أقدام الآخرين.
أريد أن تتخيل نفسك أنك أخ لأحد المكفوفين أو من أقربائك ولم أقول لك أنك تكون كفيفا وتقرأ وصف الصورة لأني لا أتمنى لك هذا على الإطلاق ما هو شعورك وبصراحة؟
وبعيدا عن شعورك ما رأيك في أن وزير التربية والتعليم عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين كان كفيف الذي كان ينادي بأن التعليم كالماء والهواء وكان مسؤولا عن العملية التعليمية برمتها أو أنك أكيد على علم بأن الموسيقار الرائع عمار الشريعي أيضا كان كفيف البصر وغيرهم الكثيرين والكثيرين.
من تسخر منه وتراه أنه شخص مغيب أو مضلل للآخرين عذرا أنت لا تعلم عنه شيء على الإطلاق فكرت ولو لمرة أن تقترب من عالمه وتعرف كيف يدير أمور حياته بمنتهى السهولة واليسر وبدون أن يعتمد على مساعدة الغير هل تعلم أن الشخص الكفيف أكثر تنظيما وترتيبا لحاجاته حتى يستطيع أن يجد ما يريده وبسهولة وأنه قادر على إدارة شؤون حياته كاملة وليس كف بصره عائقا له عن فعل أي شيء وكل شيء قد ترى أنه يصعب عليه فعله وحقيقة أخرى قد تبدو غائبة هي أنك تفتقد كثيرا لمعلومات عن حياة الكفيف بشكل عام سأرجأ الحديث عنها.
لست مدافعا عن فئة أفخر وأسعد جدا بأني أنتمي لها ولكن أردت من هذه السطور توضيح شيء واحد فقط ما قاله أحد الحكماء (تعلمت الحكمة من الكفيف لأنه يتحسس خطوته بعصاه قبل أن يخطوها).
قبل ما تقوم بالسخرية من أشخاص أنت لا تعلم عنهم شيء أعرف عنهم أولا.
كفاكم تشويها وتقليل من الآخرين وزيادة النظرة المجتمعية السلبية تجاه فئة موجودة في المجتمع ولها إمكانات وقدرات وأحلام وطموحات تسعى لتحقيقها رغم ما قد يعوقها كفاكم إسقاط سلبي وسخرية على حساب أشخاص أنتم لم تفكروا ولو للحظة الإقتراب منهم ومعرفتهم على أرض الواقع وترون أنهم مادة خصبة جدا للإسقاط السلبي والسخرية بهم بدون أدنى مراعاة لما تنقله أنت بهذه الصورة للآخرين ولو سألت نفسك ولو دقيقة تحب أن يكون شكلك أو لون بشرتك أو ملبسك أو طريقة أكلك مسارا للسخرية والإسقاط ما كنت فعلتها أعلم أن الكلام لا يجدي نفعا معك ولكني أود أن أوضح لك أمر آخر لا نتعامل نحن المكفوفين بمثل تعاملك أنت من خلال الشكل والمظهر وما تراه على وجوه الناس لأنها لا تهمنا ولكن نتعامل مع الآخرين بمبدأ إحترام الغير وعدم الحكم عليه من أشياء ظاهرية فقط. 
هذا رأيي قد تتفقون أو تختلفون معي فيه.
ولنا لقاء.

تعليقات

  1. تدوينة رائعة جاءت فعلا لتوضح الكثير و لتؤكد على أن الإبداع جميل لكن سيء عندما يتعلق الأمر الإساءة بفئة أو طائفة معينة ... رأيك يحترم بصراحة .. رأيت الصورة و لم أتفاعل معها لكونها مسيئة للشخص الكفيف ... أشكرك على جهودك واصل و دافع دائما عن حقوقك ... و نحن معك .

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عامان على وفاة ست الحبايب:

تحية لمن تكافحن في صمت:

معلومات خاطئة عن طريقة برايل: