الإعاقة ما بين الدمج والتأهيل ودور الأسرة:

حينما نتحدث عن مجال الإعاقة المثلث الرئيسي فيها الدمج والتأهيل ودور الأسرة.
وعلى إعتبار أن الضلع الأول والثاني تم أدائهم بشكل صحيح وكامل يبقى الضلع الثالث الذي يحتاج منا لفهم دوره الذي يقترب من 60% من باقي الأضلاع فمن غير المنطقي مثلا أن يكون هنالك دمج سليم وتأهيل جيد ولكن الأسرة لا تطبق هذا بالفعل فمن آفات الأسرة التي يوجد بها أشخاص من ذوي الإعاقة أمران وعلى العكس من بعضهما البعض.
الأمر الأول: حالة التدليل الزائد.
الأمر الثاني: حالة الإهمال التام.
ففي الأمر الأول يقع الابن في مصيدة السلبية التي يعاني منها العمر كله والتي تفقده تماما الإستقلالية أو على الأقل أدنى مستويات الإعتماد على النفس ولما لا فهو يجد من يقوم له بجميع ما يفترض أن يقوم به بنفسه وهو جالس بمكانه وعلى الرغم من أنه لو إعتمد على نفسه ولو قليلا فسيجد أن الموضوع لا يوجد فيه ما يعانيه بل على العكس سيجد أن الإستقلالية وعدم الإعتماد على الآخرين شيء جيد جدا له أولا وللآخرين ثانيا لأنه مع الوقت حتى الأسرة ستبدأ بالإنتعاض من تصرفات هذا الشخص مع أنه في الحقيقة غير ملام مطلقا لأنه هذا ما جنته علي أسرتي ومن الطبيعي كما عودتموه فعليكم تحمل النتائج التي أنتم من الأساس السبب فيها لأنكم ببساطة خلقتم شخص سلبي غير قادر على حل مشاكله بنفسه ينتظر مساعدتكم له في الصغيرة جدا قبل الكبيرة فمن المنطقي أنه سيكون في هذه الحالة لا يفضل الإعتماد على النفس مطلقا لأنه وببساطة يعتبر الأسرة أدوات بين يديه بل ما هو أغرب أنه لا يجد عناء فلما لا هل يكره أحدنا الراحة؟ بالطبع لا في السؤال السابق أتحدث عن الطبيعة البشرية في عمومها وليس على فئة معينة وهنا وفي تلك الحالة فقد خلقت تلك الأسرة لدى ابنها ما يصعب حله تماما بأي وسائل دمج أو تأهيل لأن الابن في هذه الحالة لا يتقبل أي شيء يعتمد فيه على نفسه ويكون قد مضى العمر الذي نحتاج فيه لتقويم الشخص أي ما كان حتى يكون شخص يمتلك أبسط مقومات الإنسان الجيد.
أما الأمر الثاني وهو الإهمال التام فهنا نجد حالة زرعت داخل هذا الشخص أنه غير ذي قيمة بل نعامله بالمأكل والمشرب لمجرد فقط إرضاء الله ولكن ليس له عندنا أكثر من ذلك ونبدأ في معاملته بأقصى معاملة سيئة فيبدأ عزله تماما عن المجتمع وتبدأ حالة نفره من الأسرة والإنعزالية التامة لأنه يحس بكم من العبء الكبير على أسرته وأنه شخص وجد في هذه الأسرة ليضيف لها أعباء ويرى نفسه أنه شخص في حقيقة الأمر عالة ومصدر لتعب وشقاء الأسرة وهذا يعود في الحقيقة لما تفعله الأسرة معه من تهميش ومعاملات لا تليق بإمكاناته وبقدراته بل على العكس فقد تصل الحالة لإعتباره مجرد قطة يعتنون بها فقط للحصول على الثواب وإن وصلنا لهذا الحد فأنه جيد وإذا أردنا أن نخرجه من هذه الحالة فسيصعب جدا ذلك نظرا لأنه في النهاية قد تم تشكيل فكره على هذا النحو أو بمعنى آخر فسيجد عكس ما نفعله معه لمجرد عودته للأسرة التي هي مقره الطبيعي وسيقع في دائرة من المتناقضات التي ستزيد من حالة إهتزاز شخصيته بل ستتسع الهوة بينه وبين المجتمع.  
فقبل ما نقول دمج وتأهيل فعلينا تأهيل المجتمع عموما والأسر التي بها اشخاص من ذوي الإعاقة خصوصا  على فن التعامل وتقبل الابن الذي بطبيعته هو شخص مختلف يحتاج لطرق أخرى في فن تربيته لا تضيف له أعباء ولا تجعله شخص سلبي تماما فلو إستطعنا تنفيذ ذلك فقد إختصرنا نسبة عالية جدا من برامج الدمج والتأهيل لأنه وببساطة فقد حصل على أكثرها من خلال المنبع الأساسي له وهو الأسرة التي يقوم عليها الدور الكبير في حياة أي شخص وليس الشخص ذي الإعاقة.
الخلاصة: العامل الأساسي تغيير ثقافة مجتمعية تجاه الإعاقة وذوي الإعاقة قبل ما نتحدث عن دمج وتأهيل حتى يكون للدمج وللتأهيل فائدة وهذا أمر ليس صعب ولا يأخذ وقت بل هي حملات توعية على أوسع نطاق وفي وقت ليس بالقصير سيكون على الأقل حققنا المرجو ولو بنسبة معقولة ويلعب هنا الأعلام دورا رئيسيا ومهما في تلك الحالة لأنه الأكثر تأثيرا في المجتمع وبقوة ملحوظة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عامان على وفاة ست الحبايب:

تحية لمن تكافحن في صمت:

معلومات خاطئة عن طريقة برايل: