الشارقة مدينة ذوي الإعاقة العربية:

لو أنني أمتلك قرارا أو صاحب سلطة أو شخصا مسؤولا بهيئة الأمم المتحدة لكنت أعطيت إمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة هذا اللقب بدون أدنى شك.
لم أكن يوما من هواة التمجيد أو حتى المدح الزائف أو أتقنت للحظة فن المجاملات وهذا يعرفه كل من يعرفونني عن قرب فصراحتي هي سيدة الموقف ولا أخفي سلبية ما حتى ولو كان هذا أعلمه سيجعل من أقولها له يأخذ موقفا ضدي.
مقدمة وددت الإشارة لها لعدة إعتبارات بداخلي وسأحتفظ بهذه الإعتبارات لنفسي رجاء أعذروني.
حينما يتبنى المسؤول أو الحاكم أو أيا ما كان فكر راقي وهو أن الأشخاص ذوي الإعاقة هم أشخاصا من المجتمع يجب مراعاة متطلبات إعاقاتهم والأكثر روعة وهو أنهم حقهم التمكين والدمج والإتاحة والتأهيل السليم بل وتجد أن هذا التفكير لم يكن وليد لحظة بل هو متواجدا من نحو ثلاثة عقود فلا تستعجب إذا عرفت عزيزي القارئ أنه المجتمع هناك نظرته لذوي الإعاقة نظرة مليئة بالإيجابية وإحترام الإختلاف على أساس الإعاقة دعني أنقل لك عزيزي القارئ بعض المشاهد وأترك لك التعليق إن كنت توافقني في العنوان أو لا وأرجو منك فقط أن لا تضع أية إعتبارات أيا ما كانت وأنت تقرأ ما هذه المشاهد.
المشهد الأول وصولي مطار الشارقة فجر الخميس والعمل من موظفي المطار على إنهاء إجراءات دخولي بل نضيف على هذا ما تجده من بشاشة ونبرات صوت مليئة بالإبتسامة والترحيب وهنا يجب أن أشكر مرافقي في المطار الصديق الأستاذ أحمد الحمادي وصديقه الذي لم أتعرف على اسمه لأنه من لم يشكر الناس لم يشكر الله.
أعود إلى كنت أتحدث عنه إنتهت إجراءات دخولي ما لفت إنتباهي تصميم المطار نفسه بشكل يتناسب مع كافة الإعاقات من أول سلم الطائرة المخصص لذوي الإعاقة والباصات التي تدعم دخول الإعاقات المختلفة بمنتهى السهولة ويسر ملحوظة بدون الإعتماد على أحد تصميم المطار من الداخل تنوعات في تصميمات الأرضيات وكأنها ترشدني كشخص كفيف للإتجاه الذي يجب أن أسلكه على الرغم من أنه كان معي من يرافقني ولكن كعادتي أهوى كثيرا الالتفات لأدق التفاصيل على الأقل لتكوين خريطة ذهنية بصرية للمكان حتى أرى إذا كان يسهل تحركي وتنقلي بمفردي في المطار خارج المطار تصميمه الخارجي بالطبع يسمح لأن يتحرك الشخص ذي الإعاقة أيضا بدون الإعتماد على أحد وبشكل سهل فتجد للأرصفة مصاعد ومهابط تسهل حركتي كشخص كفيف لمعرفة بداية ونهاية الأرصفة حتى أنك تجد تصميم الأرضية الخاصة تم مراعاة هذا به وبالطبع تلك المصاعد والمهابط لها عدة إستخدامات منها لذوي الإعاقة الحركية.
المشهد الثاني وهو داخل مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية وهي مدينة مخصصة لذوي الإعاقة بالطبع طالما أنها هكذا فهي مراعاة فيها كافة تلك الترتيبات ولكن ما يجدر الإشارة إليه بها هو حب ومودة وصداقة كل من بها سواء عاملين أو حتى طلبة.
المشهد الثالث اليوم الثاني لزيارتي كان يوم الجمعة ذهبت أنا وصديقي الرائع مشرف سكن الطلبة الصم طلاب مدرسة الأمل لمسجد الإمام أحمد بن حنبل وهنا عدة أشياء يجب الإشارة لها وهي تصميم المسجد نفسه مهيء لإستقبال ذوي الإعاقة بمنتهى الإستقلالية وليس هذا وحسب بل ما سيدهشك أيضا عزيزي القارئ هو وجود مكان بالمسجد لذوي الإعاقة حيث يوجد مترجما للغة الإشارة فقد كان يبعد عني بضع خطوات عن مكان جلوسي ومهمة هذا الرجل المترجم للغة الإشارة هي ترجمة خطبة الجمعة للمصلين من فئة الصم ومما أعجبني هنا أنني لاقيت أشخاصا من المصلين بإعاقات مختلفة حاولت أتعرف على ردود الفعل ولو بمجرد الفضول مما يتحدثه المصلين الآخرين أثناء الخروج وفي الحقيقة لم أجد ما هو معتادا هنا فما أروع أن تجد أهل بلد متقبلين الإعاقة وذويها وينظرون لنا على أننا واحد صحيح لا ينقصنا شيء.
المشهد الرابع الذهاب للغداء في نفس اليوم بأحد المطاعم حيث وجدت ما هو أجمل وهو تصميم الشوارع وأرصفتها إذا كنت تهوى المشي أو متابعة الطرق من حولك مصممة على أنها تكون مدينة متوافقة مع الأشخاص ذوي الإعاقة على مختلف الإعاقات.
المشهد الخامس بنادي الثقة الذي يجدر الإشارة إلى أنه خاص بذوي الإعاقة ناهينا عن أن اسمه نادي الثقة والذي يعني لي على الصعيد الشخصي الكثير ولكن لنعد للحديث عنه عند دخولك لمبنى النادي على يمينك آلة صرف النقود بإستخدام الفيزا وهي مصممة تصميما مختلفا سواء على صعيد الشكل أو الإرتفاع زائد مفاتيحها أو برنامج تشغيلها بحيث تتوافق مع كافة أنواع الإعاقات.
المشهد السادس مول كارفور الشارقة أو الجمعية التعاونية وهذه الجمعية مثلها مثل أي مول تجد بها ما تريد وهنا لفت إنتباهي رفيق الزيارة لوجود موقفا خاصا لسيارات ذوي الإعاقة وأن القانون هنا يمنع وقوف أية سيارة غير هذه السيارات وغرامة الوقوف باهظة جدا وبالطبع سواء المول أو الجمعية الخ مصممة لتسهل حركة الشخص ذي الإعاقة بمنتهى الإستقلالية.
المشهد السابع جمعية المكفوفين وبعد دخولك لها تجد على يسارك قاعة الإستقبال وعلى بعد 15 خطوة تقريبا من دخولك من الباب تجد آلة أيضا لصرف النقود بالفيزا وهنا المفاجأة التي فاجأتني شخصيا وجود أرقام الآلة مكتوبة بطريقة برايل بل ليست أرقامها فقط بل جميع مفاتيحها ومدعمة بقارئ شاشة باللغتين العربية والإنجليزية يتابع معك خطوة بخطوة وبدقة صوت أكثر من روعة من بداية شاشة الترحيب بك كمستخدم لها حتى طلبه منك إخراجك لفيزتك.
المشهد الثامن وهو من المطار في رحلة العودة وهنا لم أستخدم المصعد (الأسانسير) عند قدومي ولكن استخدمناه عند عودتي حيث أنك تجد المصاعد كلها سلالم كهربائية منها المنبسط ومنها ما له درجات وبالطبع علمت عزيزي القارئ لماذا يوجد المصعد المنبسط المهم الأسانسير ما لفت إنتباهي له أن مفاتيحه بها بها علامات بارزة تأخذ شكل السهم لأعلى للصعود أو العكس.
وقبل النهاية بعض اللمحات الشخصية التي أثارت إنتباهي وهي أنني لم ألحظ ولو شخصا واحدا يتابعني أو يتمتم بكلمات إندهاش أو استغراب لكوني استخدم عصاي البيضاء لم أجد ما يعوق حركتي سواء بمفردي أو بمشاركة من يرافقونني لم أسمع أو ألحظ حتى من يتهكم طريقة وأسلوب عرض المساعدة أو كيف يقدموا لي خدمة أكثر من راقية على كافة المستويات وكل هذا له دلالة واحدة وهي أنني في نظر المجتمع الشارقي أو الإماراتي عموما أو حتى على مستوى الوافدين أنهم يرونني أنا وأقراني إنسان لنا الحق في الحياة كواحد صحيح ليس إلا.
أهدي إليك عزيزي القارئ السطور السابقة وأسألك سؤالا واحدا قبل النهاية ألست محقا في عنوان هذه التدوينة أترك لك التعليق.
شكرا إمارة الشارقة شكرا دولة الإمارات العربية المتحدة شكرا مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية....

تعليقات

  1. تستحق يامحمد وبامتياز ولعلها عاصمة الانسانية

    ردحذف
  2. تستحق يامحمد وبامتياز ولعلها عاصمة الانسانية

    ردحذف
  3. تستحق يامحمد وعن استحقاق ..الشارقة عاصمة الإنسانية

    ردحذف
  4. تستحق بالتأكيد يا محمد فهذا الذي حكيته قلما يوجد مثيله في ارقي البلاد الغربية... وقد اسعدني أن تتمتع الشارقة العربية بمثل هذا الحس والرقي الإنساني...

    نشوة

    ردحذف
  5. مشكوووور استاذ محمد،،. كلامك راءع فعلا الشارقة تستحق

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عامان على وفاة ست الحبايب:

تحية لمن تكافحن في صمت:

معلومات خاطئة عن طريقة برايل: