لأني كفيف فليس من حقي السفر بمفردي:



حينما تقرأ هذا العنوان قد تستعجب به ولكن عزيزي القارئ هذا ما حدث والسبب أني شخص كفيف.
تم توجيه دعوة لزيارة دولة الإمارات الشقيقة يوم 22 يناير وبالطبع هذه السفرية هي الثانية لأصدقائي بدولة الإمارات العربية المتحدة وتحديدا لإمارة الشارقة طائرتي الساعة 12 ونصف مساء ذهبت قبل الموعد بساعتين للمطار والرحلة من مطار سوهاج الدولي لمطار الشارقة الدولي ودعت سائق تاكسي المطار بعد بوابة الدخول للمطار وبحكم أنني سافرت من المطار قبل ذلك فأنا أحفظه جيدا دخلت عند بوابة التفتيش الأولى بالمطار وقبل دخولي بخطوتين نادى أحد أفراد الأمن المحترمين وفي الحقيقة كانوا متعاونين على أحد مسؤولي الأمن وقال له (الأستاذ مسافر وهو راجل ضرير يا باشا الباشا: نادي على مندوب شركة الأستاذ ا) وبعد بضع دقائق وصل الأستاذ ا (هو أنت مسافر لوحدك أنا: أيوة. الأستاذ ا: يعني مش معاك حد. أنا: لا. الأستاذ ا: دي أول مرة تسافر لوحدك. أنا: لا سافرت قبل كدة. الأستاذ ا: سافرت الإمارات يعني قبل كدة ونزلت مطار الشارقة لوحدك مين الي سمح لك ومتقنعنيش أنه مكانش حد معك من أسرتك. أنا: دي الحقيقة سافرت لوحدي ومكانش معايا حد وأديني واقف قدام حضرتك أهو بطولي. الأستاذ ا: أنا آسف بس حألغي سفرك. أنا: ممكن أعرف السبب ايه. الأستاذ ا: يعني أنت مش عارف أنت مبتشوفش وأنا معنديش إستعداد أتحمل مسؤولية حد مبيشوفش على الطيارة لوحده) وهنا ما بين أني استشيط غضبا في السيد المحترم أو أناقشه بهدوء حيرة لثواني أجبرتني على إطلاقي لإبتسامة بضحكة هامسة وتركته وذهبت لشباك الجوازات أتى خلفي مسرع (أنا قلت مش حتطلع الطيارة لوحدك أنت يا أستاذ راجل مبتشوفش يستحيل هات لي مرافق يطلع معك يا حألغي التأشيرة حالا) مشكورا ضابط الجوازات أنهى لي الأختام وقال لي تفضل إستريح هناك وحنلاقي لها حل ذهبت لمكان الإنتظار وأنا أضرب كف على كف.
بعيدا عن صوت مندوب شركة الطيران العالي وأنه جعلني فرجة أمام كل المسافرين وإحساسي بأنني لم أغادر وبعيدا عن أنني كنت أستشيط غضبا قررت أن لا أبالي وابتسم وأصمت لحين الفرج من عند صاحب الفرج أتاني ضابط الجوازات بعد دقائق هو ومندوب الرحلة وأحد الركاب الذي أقنعه ضابط الجوازات أن يرافقني على متن الرحلة والرجل وافق ومندوب الشركة أيضا وافق ومن الواضح تحت ضغط ضابط الجوازات لأن نبرة صوته لم تكن مريحة لي على الإطلاق وعند وصولنا بعد نصف ساعة لباب الخروج من صالة المغادرة لركوب الباص كان كابتن الطائرة يقف للتأكد من أرقام التذاكر وهنا رآني وأتى لي قائلا بالإنجليزية (Can i help you) ابتسمت وقصصت عليه ما حدث ثم ضحك وعرفني بنفسه وأخذني واضعا يده على كتفي وهو يهمس بكلمات الإعتذار عن ما حدث وأستقلينا السيارة الخاصة به حتى وصلنا وصعدنا الطائرة وهنا أتى بجواري رفيق الرحلة التي مدتها أربع ساعات الأستاذ أحمد شخص أكثر من مهذب وبعد أن أقلعت الطائرة أتاني كابتن الطائرة وتحدثنا سويا وطلب مني أن أرافقه حتى الكبينة ودار بيننا نقاشا مطولا عن ما تفعله الحكومة الألمانية لمن هم مثلي وأنه يوجد من هم مثلي يعملون بالمطارات في الدول الأوربية وتحدثنا عن طبيعة عملي والتي أثنى عليها هو وأعجب بها وكان آخر كلامه مازحا فيما معناه أنه ليس الأمر بغريبا أن يكون يوما ما طيارا كفيفا هو من يقود الطائرة وخصوصا بعد وجود آلية الطيار الآلي وقمت بتحليل بعض البيانات الصوتية التي تصدر في الكبينة فضحك وقال بأنه سعيد جدا بأنني تحدثت معه وأستأذنته وغادرت لمقعدي.
وعند الوصول قبيل الهبوط أتى لي يسألني إذا كنت أحتاج لخدمة مرافق من المطار لي فجاوبته أنني سأرافق الأستاذ أحمد لحين الدخول وفي المطار من ينتظرني فعتذر لي مرة ثانية وإنصرف.
نزلت المطار ووجدت أعز أصدقائي ينتظرني ولا أخفيك سرا عزيزي القارئ هنالك فرق كبير بين ما حدث في مطار بلدي وما حدث في مطار الشارقة من تسهيلات وسرعة في الإجرائات حتى لا أنتظر طويلا.

هنا أتساءل كيف يكون هنالك أشخاص يعتبروا أن سفر الكفيف بمفرده مشكلة أو أزمة لو لم يكن معه من يرافقه والسؤال الأغرب أليس هذا الشخص مندوب شركة الطيران يعتبر واجهة لجمهورية مصر العربية كيف يكون بهذا التفكير الضحل جدا؟
إلى لقاء آخر وحكايات جديدة عن أجمل تجارب عشتها خلال ثماني أيام قضيتهم في الشارقة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عامان على وفاة ست الحبايب:

تحية لمن تكافحن في صمت:

معلومات خاطئة عن طريقة برايل: