الإعلام المصري ما بين زيادة الشفقة وتهميش ذوي الإعاقة:



في الآونة الأخيرة ظهر إهتمام مفاجئ بقضايا ذوي الإعاقة على صعيد الإعلام المصري عموما على غير العادة بالطبع نظرا لإهتمام القيادة السياسية المفاجئ أيضا ولكن ما بين مطرقة الشفقة على حال ذوي الإعاقة والتعامل مع القضية بشكل عام بشكل تعاطفي بحت وسندان زيادة التهميش والتقليل من إمكانات ذوي الإعاقة وعدم التقدير الفعلي لما يمتلكه فئة ذوي الإعاقة من قدرات لو تم التمكين والدمج والإتاحة والتأهيل بشكل صحيح ولكن لنرى المشهد في العموم كما هو حاليا من ناحية التغطية الإعلامية وبشكل عام لملفات وقضايا الإعاقة وذويها.
حينما نتحدث عن القضايا المتعلقة بذوي الإعاقة تجد إما تكون التغطية وخصوصا فيما يعرف ببرامج التوك شو تكون أشبه بلحن موسيقي بالغ الحزن والأسا على حال هذه الفئة المنكوبة والتي يرونها أكثر بؤسا وأكثر ما يثير الديق في هذا هو تعميق نفس الصورة النمطية المتعارف عليها في الإعلام من ناحية الشفقة واللعب بقضايانا على وتر العاطفة الحزين المليئ بالشجن وكأنها آلة ناي حزينة تملأ المتابع بحالة أشبه بالبكاء على حال هؤولاء وأنك يجب أن ترى نفسك في أحسن حال من هذه الفئة التي تكتنفها المعاناة والألم والقهر قولوا ما شئتم من هذه المرادفات القاسية.
ومشهد آخر تراه تقليلا وإنتقادا حادا لفئة ذوي الإعاقة حينما يطالبوا بحقوقهم التي هي في الأصل غير موجودة على خريطة إهتمامات الدولة ويصحب هذا النوع تهكما شديدا على محاولات ذوي الإعاقة المطالبة بحياة كريمة آدمية أسوة بباقي المجتمع فتجد عزيزي القارئ ما يؤسف حقا بإتهام ذوي الإعاقة بأنهم شرذمة من البلطجية أو المختلين عقليا والأكثر فجاجة حفنة من المتسولين الذين ليس لهم قيمة في الحياة لأنهم أشخاصا عبء وعالة على المجتمع ويجب أن نتخلص منهم بأي شكل كان.
حينما أسمع صباحا على الراديو المذيع والمذيعة وهم مستضيفين مسؤولا ما بإحدى الهيئات الحكومية وهم يتناقشون عن العمل وتأهيل الشباب لسوق العمل وحينما يأتي الحديث عن عمل وتأهيل ذوي الإعاقة تكون الصدمة بأن ملتقى توظيف ذوي الإعاقة كان من المفترض أن لا يتم تنظيمه لأنه ذوي الإعاقة ليس لهم قدرة أو طاقة على العمل وكان الأولا لشباب أصحاء هذا حسب كلام الضيف المسؤول ولم ينتهي حديث السيد المسؤول عند هذا الحد بل تطرق بالقول بأن فئة ذوي الإعاقة فئة ليست منتجة بل على العكس تضيف على كاهل الدولة والحكومة والميزانية العامة أعباء إضافية في حين أن الدولة بها مشكلات أهم وأكثر ضرورة من هؤولاء المعاقين على حد تعبير سيادته وما دهشني أكثر هو مقاطعة المحاورين للضيف فقالت المذيعة واصفة ما حدث في ملتقى توظيف ذوي الإعاقة بأن ما فعله ذوي الإعاقة هو همجية وهذا لا يليق يكفيهم أن رئيس الوزراء بنفسه ذهب ليحضر معهم فقاطعها المحاور الثاني السيد المذيع المبجل قائلا إذا كان ذوي الإعاقة ليسوا قادرين على التحدث فكيف يكن لهم الحق بأن تكون لهم مطالب من الأساس فقاطعها السيد الضيف المسؤول في محاولة منه لتوصيف ما حدث بأن ذوي الإعاقة ما هم إلا بعض البلطجية وأشخاص بالفعل ليس لهم حقوق.
إذا كان هذا هو لسان حال المسؤول فللإعاقة وذويها الله أما عن المذيع والمذيعة فأترك لك أنت التعليق عزيزي القارئ وعلى هامش هذا أيضا كان الأكثر مفاجأة لي هو تبني الإعلام الرسمي للدولة فكرة مدن عزل ذوي الإعاقة ولا أصفها سوى بأنها سجن كبير للتخلص من فئة تفسد الحياة والمجتمع وبهذا تكون الدولة أراحت نفسها من صداع يسمونه المعاقين وكأنه كتب علينا العزل بعيدا عن عيون المجتمع أو مجموعة من المخلوقات ليس لهم الحق في العيش بسلام وأمان وسط مجتمع الأسوياء كما يصفون من ليس بهم إعاقة من أي نوع والأكثر من هذا تبني تلك وجهة النظر بما يخالف بالأعراف والمواثيق الدولية وحتى دستور الدولة.
ويبقى لي سؤالين هل نحن نعيش في دولة من الأصل وهل فعليا فئة ذوي الإعاقة فئة ليس لها أي أهمية أو قيمة ولا يجوز أن يكون لنا حق التمكين والدمج والإتاحة والتأهيل؟
في النهاية يظل إحترامي وتقديري لمن يتعامل بشكل صحيح من الإعلاميين والإعلام مع الإعاقة وذويها وقضاياها وملفاتها والمؤسف أنهم قلة قليلة.
       لنا الله...

تعليقات

  1. يقينا سيتغير الحال بك وأمثال يامحمد ..إياك أن تكف عن الكتابة .إياك أن تنسى لاشيء عنا بدوننا ..باركك الله وحماك يابني

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عامان على وفاة ست الحبايب:

تحية لمن تكافحن في صمت:

معلومات خاطئة عن طريقة برايل: