كنت أحلم بأن أقرأ بسهولة:

لعل القراءة أكبر شيء له نهمه عندي ولعلي أجد في القراءة متعة خاصة لم أجدها فيما سواها وليس على الصعيد المعرفي فقط فهذا جزء لا يمكن إغفاله لكن تتبقى جوانب أخرى البهجة، الاستمتاع، فكرة عابرة بين السطور، جولات تخيلية من بين الكلمات، مشاهد حياتية ومواقف عاشها الكاتب بشخصياته، وأمور كثيرة لا يمكن أن أحصيها ولكن كل ما أستطيع أن أؤكده وهو أن القراءة حلم بما تحويه الكلمة من معاني صغيرة كانت أم كبيرة.

 

منذ ما يقارب السنتين كان الحصول على محتوى قابلا للقراءة بشكل سهل كان أمرا يصعب تماما إيجاده أو فعله حتى مع توافر التكنولوجيات الحديثة وأعني هنا بالصعوبة بصعوبة الحصول على نص إلكتروني متوافقا مع برامج قراءة الشاشة كنسق Word أو Text بحيث يتعرف عليها قارئ الشاشة بسهولة وبدون مشكلات تذكر، ساعات من البحث المضني أو أياما قد استغرقها حتى استطيع أن أجد الكتاب الذي أريده بتلك الأنساق وفي أغلب الأحيان كنت لا أجدها، تلك اللحظة من الإحباط بعد وقت شاق من البحث ولا أجد هذا أو ذاك الكتاب بالأنساق التي استطيع قراءة الكتاب من خلالها ولعل لحظة الإحباط تلك كانت كفيلة بأن تغير طريقي ونهمي تجاه القراءة وتجعلها في مهب الريح أو على الأقل يخفت اهتمامي بها بحيث الإكتفاء بما قد استطيع الحصول عليه وفقط.

 

أتت الطفرة التقنية بحلول عديدة والحق يقال التطبيقات الذكية على الهواتف المحمولة كانت أسرع تطورا واستجابة لما يحتاجه شخصا كفيفا نهما بالقراءة ومؤمن تماما بحقه المطلق بالمعرفة وحصوله عليها بما يتوافق مع التقنيات المساعدة التي يستخدمها، غالبية الكتب والتي هي متاحة عبر الإنترنت بأنساق إلكترونية لا يراها قارئ الشاشة بالمعنى الحرفي للجملة منذ عامين كان من الصعب بل من المستحيل تحويلها لأنساق يسهل قراءتها بواسطة قارئ الشاشة بشكل جيد أو حتى بنتيجة تحويل يمكن الرضى عنها وفهمها من الأساس.

 

تلك اللحظة التي يخبرني بها قارئ الشاشة على الهاتف المحمول بإنتهاء عملية التحويل وحفظ الكتاب المحول في مجلد التطبيق لحظة سعيدة للغاية فها هو الكتاب الذي بحثت عنه ووجدته أصبح سهلا ومتيسرا لي أن أقرأه بسهولة وبدون مشكلات، انتهت قيود صعوبة الحصول على الكتاب الذي أريد متى ما أريد، انتهى عصر التمني وأصبحت الآن كل الأمور لدي متاحة على صعيد القراءة فالوقت الآن أكثر يسرا وأفضل كثيرا فالكتب التي أريدها متاحة وموجودة ولست مقيدا بما هو موجود بأنساق يسهل قراءتها بقارئ الشاشة فالوقت حاليا أكثر متعة وأفضل نهما.

 

لست من الأشخاص الذين يميلون للاستماع للكتب المسموعة ولعل مبرري الواضح والمعلن في هذا الأمر هو أنني لا أحبذ أو أحب على الإطلاق أن أقرأ كتابا بإنطباعات قارئه وإنفعالاته وسرعته هو في القراءة، فقارئ الشاشة ليس لديه إنطباعات عن الكتاب وليس لديه أية إنفعالات أو ردود أفعال، لست مقيدا بقيود القراءة وفق ما هو متاح سمعيا أو لسياسة الموقع الذي يتيحها ووجهة نظر القائمين عليه.

 

في واقع الأمر لا زلت عند موقفي الواضح والمعلن وهو أن التكنولوجيا والتقنيات الحديثة هي الضمانة الوحيدة لتمكين ذوي الإعاقة عموما والمكفوفين خصوصا في كافة نواحي الحياة.

قد يسألني البعض عن تلك التطبيقات تلك التطبيقات كتبت عنها في تدوينة خاصة بها منذ فترة.

 

في النهاية أعتقد أن جيلنا الحالي أكثر حظا وتوفيقا بتوفر تلك التطبيقات والتقنيات الحديثة التي جعلت حياتنا أيسر وأسهل كثيرا إلى حد بعيد عن ما سبق وأصبحت أغلب الإشكالات لها حلول وبدائل تقنية ممتازة وتؤدي الغرض بشكل مرضي للغاية، علاقتي بالقراءة ازدادت أضعافا مضاعفة عن ما سبق وازداد نهمي بشكل أكبر وأعمق عن ما سبق وأصبحت القراءة جزء يومي لا غنا عنه على الإطلاق أكثر بكثير من قبل.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عامان على وفاة ست الحبايب:

تحية لمن تكافحن في صمت:

معلومات خاطئة عن طريقة برايل: