حقي المنهوب كذي إعاقة


أصعب شيء على النفس أن ترى حقك في شيء وهو يسلب منك وبمنتهى اللا مبالة وبسلبية لم أعهدها في حياتي والأكثر صعوبة هو أنك تسعى للحصول عليه ولكن بلا جدوى وكأن الآخرين يرونك أنك ليس لك حق بل وأنك غير موجود بالأساس ويأخذون حقك أمامك بلا أي شعور وكأنه حقهم هم المشروع وأنت ليس لك حق على الإطلاق.

في عام 2015 تم افتتاح نفق أسفل السكك الحديدية بشارع المخبز الآلي في سوهاج حيث طريقي المعتاد من وإلى أي مكان أريد الذهاب له في المدينة لأنها حلقة الوصل بيني وبين أقرب مواصلة إلى أي مكان أرغب الذهاب له وبالطبع النفق مزود بمصعد كهربائي غير السلم العادي وكتب على المصعد بالأعلى بالخط العريض "لذوي الإحتياجات الخاصة وكبار السن" شغل هذا المصعد مع الافتتاح وبعد الافتتاح بشهر أصابه عطب وقف على إثره عن العمل لقرابة الثلاثة أعوام ومع مطلع هذا العام تم تغييره بالكامل وعاد للعمل من أربعة أشهر تقريبا شيء عظيم جدا بالطبع الخدمة المخصصة لي ولفئتي عادت للعمل, كان إعادة عمله قبل بداية الدراسة بشهر ونصف تقريبا لم تواجهني فيها أية مشكلة تذكر الحقيقة استخدم المصعد يوميا على الأقل مرتين ذهابا وعودة من عملي.

بدأت الدراسة وتبدل الحال تماما حقي يسلب مني أمامي وأنا لا استطيع التصرف بل كثيرا أكون مضطرا للتنازل عنه بمحض إرادتي لأن المصعد أصبح مزدحم وأنا شخص لا أحب الإزدحام والتحشر في الآخرين العجيب في الأمر أن منتهكي حقي من مختلف الأعمار وليس هذا وحسب بل أولياء الأمور الذين يرافقوا أبنائهم طلبة المدارس يشجعون أولادهم على إنتهاك حقي وبمنتهى البجاحة والاستخفاف فتجدوا يا سادة من يدخل المصعد ومعه ثلاثة أو أربعة تلاميذ أنجاله وحينما أقول له أو لها دعهم يستخدمون السلم فلا يبالي وكأنه لم يسمعني أو يسمع العامل الذي يقول نفس كلامي, والعادي جدا أن تجد المصعد حمل بعشرة أشخاص من الفئات العمرية المختلفة بدون شخص واحد من أصحاب الحق فيه .
بعد أسبوعين كتبت عن هذا الموضوع على مواقع التواصل الإجتماعي لعلي أجد حلول من روادها ونصحت بأن لا أتنازل عن حقي طواعية وأن أنتزعه نزعا من الناس إما بتعلية صوتي أو عدم الإكتراث بالازدحام والحشرة لعل وعسى أن الناس يكن عندهم قليلا من الذوق وحمرة الخجل, لكن يا كرام لم أجد هذا القليل من الذوق أو حمرة الخجل تلك وارتد عليا الموقف بأسوأ مما كان مأمولا أصبح يغلق باب المصعد في وجهي أو يقال لي المصعد مزدحم وأنت نفسك لا تحب الزحمة وكأنهم يستخفون بي فكنت أحترم نفسي وكرامتي واستخدم السلم العادي.

استشطت غضبا أول أمس
كنت أخرج من النفق من الجهة الشرقية صباحا وكعادتي منذ بضعة أيام كنت أحترم نفسي واستخدم السلم فناداني أحد المنتظرين أمام المصعد "يا شيخ تعالى الأسانسير نازل تعالى اركب فيه" فرحت في البداية حقيقة واقتربت من الباب رويدا رويدا فوجدت العدد الموجود مقبول ووصل المصعد ودخلنا وفي لحظة دخولي حصل هجوم على المصعد من بعض السيدات والآنسات وحشرت في الركن الأيمن من المصعد بجوار الباب وهنا دفعت الباب دفعا "والله اللي بتعملوه دا ما نافع آدي الأسنسير سبته ليكم اشبعوا بيه والحمد لله إني قادر أطلع على رجليا" اندفعت في الخروج وكانوا الركاب الذين يقفون بجواري انتظارا للمصعد يتحدثون لي بأن لا أغادر لأنه حقي لم أعر كلامهم إهتماما الحقيقة من شدة الغضب والغيظ وآثرت أن أكظم غيظي بالصعود على السلم وبسرعة وصلت أعلى النفق مع فتح بابه ووجدت سيدة تسألني بلا مبالاة "نزلت ليه إيه اللي حصل يعني على شان تنزل يعني" هنا وصلت الحقيقة لقمة غضبي فانفجرت فيها "يعني اللي بتعمله الناس دا عادي إنهم ياخدوا حق مش حقهم وكمان تصرفي أنا اللي مش عاجب دا معمول لفئتي اللي أنا واحد منها وكبار السن هاتولي واحد أو واحدة من اللي هجموا على الباب ودخلوا عافية ليهم حق فيه وعلى العموم ربنا يبارك ليا في رجليا وصحتي ومش عاوزه تاني البتاع دا اشبعوا بيه" غادرت بعد أن أفرغت جزء من غضبي تجاههم وأفكار كثيرة دارت بذهني إلى هذا الحد وصلنا للا مبالاة, أيعقل أن أحصل على حق ليس لي بهذه الفجاجة والوقاحة, هل وصل تدنينا الأخلاقي والسلوكي إلى هذا الحد الصارخ الذي يسمح لي بأن أستبيح حقا ليس لي من الأصل أمام صاحبه بمنتهى تبلد المشاعر.

السادة رؤساء حي شرق وغرب مدينة سوهاج, السادة المسؤولين الأمنيين والتنفيذيين بالمحافظة, السيد الطبيب المحافظ فضلا غادروا مكاتبكم بعض الوقت وتابعوا ما قلته بأنفسكم المفترض أنكم أنتم من تمكنوني من حقي ولا أستجدي أحد في الحصول عليه ولا استدر تعاطفكم لأنه المفترض أن هذا حق مخصص لي فلا أتجنى على أحد ولكن أريد أن أحصل على حقي ليس إلا

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عامان على وفاة ست الحبايب:

تحية لمن تكافحن في صمت:

معلومات خاطئة عن طريقة برايل: