فقط تقبل اختلافي:

المشهد الأول:
في الطريق للعمل أعبر خلف مدرسة النبوي المهندس الإعدادية التي تقع أمام شريط السكك الحديدية بمدينة سوهاج ذهابا لعملي يوميا بشكل معتاد بالطبع يكون مروري بهذا المكان قبل بداية الطابور الطلبة يلعبون كعادة تلاميذ المرحلة الإعدادية أمسك بيدي بعصاي البيضاء ومن لحظة مروري تبدأ مدايقات التلاميذ سواء بمن يقف منهم أمامي أو من يرشقني بالحجارة الصغيرة أو بمن يتهكم منهم على كوني شخص كفيف وفي آخر المدايقات محاولتهم لضربي بكرة القدم التي يلعبوا بها وفي العادة أكتفي بإبتسامة عريضة في محاولة مني لإظهار عدم الإهتمام وعند رؤيتي يتكرر هذا المشهد له أكثر من أسبوع وفي آخر مرة كانت تمر خلفي إحدى السيدات التي نهرت الطلبة فكان ردهم عليها غير لائق والذي لم يعجبني شخصيا فطلبت منها أن تمضي ولا تكترث لهم وعند نقلها لما حدث لمسؤولي المدرسة جاوبوها بأني المخطئ لأني أمر من هذا المكان وهنالك طريقا بديلا يجب أن أسلكه حتى لا أتعرض لتلك المدايقات لا أعلم حقيقة هل هي من العاملين في المدرسة أم ولية أمر طالب فيها ولم أسألها بعد أن أخبرتني بهذا.
المشهد الثاني:
إحدى صفحات فيسبوك التي لها متابعين كثر قام المسؤولين عنها بكتابة منشور لكي يعرفوا هل هنالك من متابعي للصفحة من المكفوفين فنهالت تعليقات تهكمية ساخرة فأشار بعض الأصدقاء عندي لي في تعليقات هناك حتى أرد على ما طرحه كل الساخرين والمتهكمين فعلقت وكتبت حقيقة الطريقة التي يستخدم بها الكفيف مواقع التواصل الإجتماعي وياليتني لم أفعل فإنفجرت عندي رسائل على حسابي ساخرة ومتهكمة من تواجدي على فيسبوك وبالطبع هنا حاولت توضيح الموضوع ما يسخرون منه ويتهكموا به علي وأيضا ياليتني لم أفعل وكأني قادم من كوكب آخر أو مخلوقا عجيبا.
المشهد الثالث:
أتعرض لحادث سيارة فينزل من صدمني ويهاجمني بقوله لي أني أعمى وكان يجب أن أنتبه وعندما رددت عليه بأني أعمى بالفعل فاجأني بإمطاري بكميات من التهكم والسباب وكأنني أجرمت في عبوري للشارع وما زاد الطين بلة هو أنه لا يعلم عن العصى البيضاء شيء وظن أنها أداة استخدمها لكي تحميني وليست كما هو معروف للجميع وهو أنه عند رفعها قليلا يجب على قائدي السيارات التوقف لحين مروري من الطريق والطريف أنه ضابط شرطة.

مع اختلاف هذه المشاهد يبدو وبدون أدنى شك أننا نعيش في بيئة ومجتمع ترفض الآخر أي ما كان ولا تريد أن تراه أو تتعامل معه وعلى الرغم من كوني أتعامل مع هذه المواقف ببساطة شديدة لكني وجدت أنه ليس من حق الشخص الكفيف وذي الإعاقة عموما أن يعيش في هذا المجتمع الذي لا يراعي اختلاف الآخرين بأي نوع من الاختلافات.
في حقيقة الأمر وعلى مدار حياتي لولا أني على قناعة بأن إعاقتي ليست عيبا في أو أنها جريمة ارتكبتها لكنت على أقل تقدير لم أخرج من باب بيتي وحقيقة لا استطيع أن أنكرها وهي أني كوني شخصا كفيفا في مجتمع لا يتقبلني هذا كفيل أن يضيف عبء نفسي كبير من هنا تفهمت لماذا يرفض الكثيرين من ذوي الإعاقة الإنخراط في المجتمع وكنت أرى أن كل تبريراتهم ليست مهمة لكن واقعيا مجتمعنا العنصري بطبعه كفيل بأن يجعلني أستغني عن استقلاليتي بل وأخفي هويتي على الإنترنيت بكوني شخصا كفيفا بالطبع لم ولن أفعل هذا ولكن لو وضع الآخرين أنفسهم مكاني لوجدوا أن هذا هو أنسب حل لكي لا أتعب نفسي.

عزيزي القارئ الموضوع بيدك أنت هل يمكنك أن تتقبل اختلافي؟

تعليقات

  1. للاسف المجتمع بتاعنا هو اللى معاق ذهنيا بعدم تقبله للاختلاف ربنا خلقنا مختلفين فى كل حاجه عقولنا و مواهبنا و قدراتنا وشكلنا و مش بس الاختلاف فى الاشخاص حتى فى كل حاجه حولينا الفصول شتاء وخريف وربيع وصيف الوقت فى ليل وفى نهار فى كل حاجه فى حياتنا فى اختلاف ولازم نتقبله واللى ما يقبلهوش يبقى هو اللى معاق
    اختلافك يا أ/ محمد ده بيميزك عن الاخرين اللى ما عندهمش لا عقليتك ولا قدراتك اللى ربنا اختصك بيها دونهم


    ردحذف
    الردود
    1. اللهم اغفر لي ما لا يعلمون واجعلني خيرا مما يظنون ولكن الآخرين لا يدرون حقيقة هذا بأنه يجب أن نتقبل اختلاف بعضنا البعض

      حذف
  2. انت لست بحاجة ان يتقبل او لا يتقبل احد اختلافك,انت فرد من هذا المجتمع,صحيح في تصرفات غبية من البعض,بس ده ما يفرض عليك انك تعزل نفسك,الحياة بنعيشها مرة وحدة, بحلوها ومرها وعلى قد مانواجه فيها مصاعب على قد ما نحصل نياشين على صدورنا نواجه فيها انفسنا والناس وربنا
    انت بطل

    ردحذف
    الردود
    1. اللهم اغفر لي ما لا يعلمون واجعلني خيرا مما يظنون.
      الكثيرين ليس لديهم دراية حقيقية عن ثقافة تقبل الإختلاف بشكل ما وعلى الرغم من ذلك ليس مطروحا على أجندتي الشخصية الإنعزال والإنسحاب تحت أي ظرف كان فقد اخترت أن أعيش حياتي كما هي بحلوها ومرها ومستعد تماما من زمن لعواقب هذا الاختيار كل ما أكتبه هو محاولة متواضعة لعرض مدى عدم تقبل الناس لاختلافي وأن ثقافة تقبل الاختلاف معدومة في مجتمعاتنا العربية وليس المصري فقط تحياتي

      حذف
  3. السلام عليكم
    سعدت بزيارتى الاولى لمدونتك وراق لى أسلوب كتابتك وطرحك لقليل مما يحدث لك ولغيرك ...
    سامحنا فالعنصرية تجرى فى دمائنا ونصبنا أنفسنا سادة على غيرنا فالكل يرى فى نفسه وذاته الفضل ويحط من شأن غيره كثيرا رغم أن غيره قد يفوقه بمراحل ولكن هذا الحال عندما تطغى الجاهلية على التصرفات
    ابقى بود

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عامان على وفاة ست الحبايب:

تحية لمن تكافحن في صمت:

معلومات خاطئة عن طريقة برايل: