ماذا يعني أن تكون كفيفا في مصر:



    ماذا يعني أن تكون كفيف في مصر:

في البداية لا أتمنى أن يحدث هذا لأي شخص مهما كان وأيا ما يفعله لأنه لا يشعر بقيمة الشيء سوى من فقده.


عزيزي القارئ قبل أي شيء أريد أن أعطيك معلومة عدد المكفوفين في مصر يقارب 3 مليون و 500 ألف كفيف.

لا أعرف من أين أبدأ كلامي فبداخلي الكثير والكثير ولكني سأحاول أن أضع أمامك ولو جزء من حقيقة واقع أي كفيف يعيش في مصر ببساطة لم أتحدث سوى عن الحصول على العصى البيضاء أو الحصول على كتب مطبوعة بطريقة برايل أي ما كان تصنيف هذه الكتب أو أداة الكتابة بطريقة برايل.


إذا أردت أن أحصل على عصى بيضاء بعد أن خربت عصاتي القديمة فما العمل بعيدا عن أن أدوات المكفوفين المختلفة لا تباع سوى في مكان واحد في محافظة واحدة هي محافظة القاهرة بالمركز النموذجي أما عن مكفوفي المحافظات الأخرى فلا عزاء لهم فإذا أردت أن أشتري عصى بيضاء أو مصحف أو معجم أو قاموس أو أداة الكتابة بطريقة برايل فعلي الذهاب لمحافظة القاهرة أو الإستعانة بأحد الأصدقاء الذين يعيشون في محافظة القاهرة ومن هنا تبدأ كل المشكلات أو حتى إن كنت أنا من سوف يشتري هذه الأشياء بنفسه.

هنا يجب أن يكون معي بطاقة إثبات الإعاقة الصادرة من وزارة التضامن وأيضا صورة من شهادة التأهيل الصادرة أيضا من نفس الوزارة وصورة بطاقة شخصية وكأني أريد شيء ضخم أو متقدم للحصول على وظيفة ما أو أي شيء يستحق كل هذه الأوراق دعوني أبدأ لكم الحكاية من بدايتها.

من ثلاث شهور تقريبا خربت عصاي البيضاء مما جعلني أحتاج لأخرى جديدة وأيضا كنت أحتاج لأداة كتابة بطريقة برايل وبالطبع أخبرت أحد أصدقائي المقيمين بالقاهرة أن يذهب ويشتري لي هذين الطلبين فوجئت برده أنه يريد صورة بطاقة إثبات الإعاقة وصورة شهادة التأهيل وصورة البطاقة الشخصية للوهلة الأولى ظننت أن صديقي هذا يمزح معي فستحلفته فأكد لي أنه فعليا هذه الأوراق مطلوبة هناك فأصابتني حالة من الدهشة لأني لم أكن متخيل أن أشياء كهذه ليست ذات قيمة مالية ضخمة سوف تحتاج لكل هذه الأوراق فقلت له ما علينا وأرسلتها له وهو بدوره أرسل لي ما أردت وتنتهي هنا قصة العصى البيضاء وأداة الكتابة بطريقة برايل.

الموقف الثاني من حوالي أسبوعين طلبت مني إحدى الصديقات قصص أطفال ومصحف بطريقة برايل لأحد المكفوفين وكانت هنا الدهشة الكبرى الأولى وهي أنه لا يوجد مكان واحد يقوم ببيع قصص أطفال بطريقة برايل في جمهورية مصر العربية كلها وما يوجد منها هو مخصص فقط لمدارس النور للمكفوفين وغير قابل للبيع نهائيا نأتي للدهشة الثانية فوجئت أيضا بأنه مطلوب تلك الأوراق نفسها حاولت أن أجد لنفسي سبب مقنع لي على الأقل يقبله عقلي وترتاح له نفسي ولكني أصدقك القول عزيزي القارئ لم أجد نهائيا ولا زلت في حيرة من أمري وتلك الحيرة سببها أمر في قمة العجب ألا وهو أن تلك الأدوات ليست مجانية أو على الأقل مدعمة حتى يمكن أن أفترض أنهم يخافون من أن تستغل في أهداف تجارية إستغلالية لفئة المكفوفين مما يجعل في الحقيقة حيرتي تزداد أكثر وأكثر فمثلا سعر العصى البيضاء العادية 65 جنيه مصري وسعر أداة الكتابة بطريقة برايل 175 جنيه مصري.

هل لأني كفيف يجب أن أعاني هذه المعاناة حتى أحصل على ما أريده؟

لماذا كل هذا الروتين في أشياء لا تستحق كل هذا؟

هل بسبب أني كفيف ليس لي حق الحصول على ما أريد من أدوات مساعدة لي إلا من خلال هذه الأوراق ما الحال إذن لو كان طفل ولم يصل للسن القانوني لإستخراج هذه الأوراق هل لا يستطيع أن يحصل على هذه الأدوات؟؟

لماذا لا تتوفر مراكز بيع لأدوات المكفوفين بكل محافظة على غرار مركز النور النموذجي بالقاهرة؟

إلى متى سوف تكون موجودة تلك التعقيدات في حياة الكفيف خصوصا وحياة ذي الإعاقة عموما في مصر؟

في النهاية كتبت هذه الكلمات وأعلم أني لم أجد من يقرأها ويهتم بها من الدولة على الإطلاق.

           مع تحياتي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عامان على وفاة ست الحبايب:

تحية لمن تكافحن في صمت:

معلومات خاطئة عن طريقة برايل: